اعتبرت صحيفة كريستان ساينس مونتيور
الأمريكية أن العملية العسكرية التي أطلقتها تركيا، الأربعاء، على الحدود
مع سوريا، تهدف إلى ضرب عدة عصافير بحجر واحد، وأن أهدافها تتعدى تلك التي
أعلنت عنها أنقرة وهي السعي لإعادة ضبط الحدود مع سوريا، ومطاردة تنظيم
الدولة الذي كان يسيطر على بلدة جرابلس، بالإضافة إلى تنظيمات كردية
تعتبرها تركيا تنظيمات إرهابية.
وتشير الصحيفة إلى أن تركيا على
ما يبدو تسعى لتحقيق مجموعة من الأهداف أوسع بكثير من المعلن عنها؛
فالخطوة التركية التي وصفت بأنها مفاجئة، ترمي إلى منع المقاتلين الأكراد
التابعين لقوات سوريا الديمقراطية من الالتفاف على حزام الحدود مع تركيا
وإقامة شريط كردي تعتبره تركيا خطاً أحمر.
القوات الكردية المدعومة
أمريكياً والتي نجحت بدعم من التحالف الدولي في تحرير مدينة منبج، التي كان
يسيطر عليها تنظيم الدولة، بدأت بمحاولات لتوسيع رقعة امتدادها إلى غرب
نهر الفرات، وهو الأمر الذي ترفضه تركيا رفضاً باتاً، حيث تعتبر تركيا أن
كل المقاتلين الأكراد في سوريا هدف مشروع لها.
الرئيس التركي، رجب طيب
أردوغان، قال، الأربعاء، إن عملية "درع الفرات" تأتي بعد سلسلة التفجيرات
الإرهابية التي بلغت ذروتها بالهجوم الانتحاري الأخير في غازي عنتاب على
الحدود السورية، والذي خلف 54 قتيلاً، مؤكداً أن بلاده وصلت إلى نقطة
النهاية في الصبر على التنظيمات الإرهابية.
القوات التركية كانت قد توغلت،
الأربعاء، في داخل الحدود السورية ونجحت باستعادة بلدة جرابلس الحدودية من
قبضة تنظيم الدولة، بعد اشتباكات أعقبها انسحاب مقاتلي التنظيم، حيث قدمت
تركيا دعماً كبيراً لوحدات من الجيش السوري الحر التي تلقت تدريباً في
تركيا، وكانت رأس الحربة في عمليات "درع الفرات".
أمريكا من جهتها أسهمت في
عمليات درع الفرات، وأشاد نائب الرئيس الأمريكي، جو بايدن، الذي كان في
أنقرة الأربعاء، بالعملية مؤكداً أن القوات الكردية ستفقد الدعم الأمريكي
إذا لم تنسحب إلى شرق الفرات، وذلك تماشياً مع اتفاق تركي أمريكي سابق.
وقال سونر جاغابتاي، مدير
برنامج الأبحاث التركية في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، إن عملية
"درع الفرات" التي أطلقتها تركيا الأربعاء، تؤكد أن جميع الأطراف المتدخلة
في الشأن السوري تستعد لليوم التالي.
ويضيف سونر: "تركيا تريد أن
تمنع الأكراد من الحصول على مكاسب على الأرض، ولهم الأولوية في الأجندة
التركية، وبالتزامن مع هذه الرغبة فإن تركيا أيضاً تريد استعادة بلدات
حدودية من قبضة تنظيم الدولة".
وتنقل الصحيفة عن مسؤول تركي،
رفض الكشف عن اسمه، أن تركيا لديها قائمة أهداف إلى جانب تأمين الحدود؛
فستسعى بلاده إلى إنشاء منطقة خالية من الإرهاب شمالي سوريا، الأمر الذي
سيسهم في وقف تدفق المقاتلين الأجانب، مشدداً على أن العملية سوف تستمر
"لأن التهديدات جدية".
رئيس الوزراء التركي، بن علي
يلديريم، طالب خلال لقائه نائب الرئيس الأمريكي، بايدن، الأربعاء، بضرورة
أن تعيد واشنطن النظر في علاقتها مع تنظيم PYG الكردي، مؤكداً أن هذا
التنظيم هو تنظيم إرهابي ولا يختلف عن تنظيم الدولة.
وهذه ليست المرة الأولى التي
تقدم فيها تركيا على توغل عسكري في دول مجاورة، فلقد سبق أن دخلت في عمق
الأراضي العراقية عام 1990 لمطاردة عناصر من حزب العمال الكردستاني، بناء
على اتفاقية مع الجانب العراقي آنذاك، تخول الأتراك الدخول في الأراضي
العراقية لمطاردة عناصر الحزب الكردي.
كما سبق أن قامت تركيا بعمليات
محدودة في سوريا عقب سيطرة تنظيم الدولة على مناطق حدودية عام 2014، إلا أن
عملية "درع الفرات" التي دشنتها تركيا، تعد الأوسع والأكبر من نوعها.