اتَّهمت منظمة العفو الدولية في
تقرير، الثلاثاء 7 شباط 2017، النظام السوري بتنفيذ إعدامات جماعية سرية
شنقاً بحق 13 ألف معتقل، غالبيتهم من المدنيين المعارضين، في سجن صيدنايا
قرب دمشق خلال 5 سنوات من النزاع في سوريا.
وقالت المنظمة الحقوقية في
تقريرها، وعنوانه "مسلخ بشري: شنق جماعي وإبادة في سجن صيدنايا"، إنه "بين
2011 و2015، كل أسبوع، وغالباً مرتين أسبوعياً، كان يتم اقتياد مجموعات تصل
أحياناً إلى خمسين شخصاً إلى خارج زنزاناتهم في السجن وشنقهم حتى الموت"،
مشيرة إلى أنه خلال هذه السنوات الخمس "شُنق في صيدنايا سراً 13 ألف شخص،
غالبيتهم من المدنيين الذين يعتقد أنهم معارضون للحكومة".
شهادات مروعة
وأوضحت المنظمة أنها استندت في
تقريرها إلى تحقيق معمق أجرته على مدى سنة من كانون الأول 2015 إلى كانون
الأول 2016، وتضمَّن مقابلات مع 84 شاهداً، بينهم حراس سابقون في السجن
ومسؤولون ومعتقلون وقضاة ومحامون، بالإضافة إلى خبراء دوليين ومحليين حول
مسائل الاعتقال في سوريا.
وبحسب التقرير فإن هؤلاء
السجناء كان يتم اقتيادهم من زنزاناتهم فيما اعتاد الحرس على تسميته
بالمبنى الأبيض وإخضاعهم لمحاكمات عشوائية وضربهم ثم شنقهم "في منتصف الليل
وفي سرية تامة" في المبنى الأحمر.
المبنى المضلع الثلاثي هو المبنى الأبيض وإلى جنوبه المبنى المربع هو الأحمر
وأوضح التقرير أنه "طوال هذه العملية يبقى (السجناء) معصوبي الأعين، لا يعرفون متى أو أين سيموتون إلى أن يلف الحبل حول أعناقهم".
ونقل التقرير عن قاضٍ سابق شهد هذه الإعدامات قوله "كانوا يبقونهم (معلقين) هناك لمدة 10 إلى 15 دقيقة".
وأضاف أن "صغار السن من بينهم كان وزنهم أخف من أن يقتلهم، فكان مساعدو الضباط يشدونهم إلى الأسفل ويحطمون أعناقهم".
وبعد الشنق، عمدت السلطات
السورية إلى أخذ الجثث إلى مستشفى تشرين العسكرين وتسجيل سبب الوفاة على
أنه جلطة قلبية أو اضطراب تنفسي، ومن ثم رميها منتصف ليل أيام الثلاثاء
وحتى الفجر في مقابر جماعية على أطراف مدينة دمشق.
وأوضح التقرير أن آلاف آخرين ربما تم شنقهم منذ نهاية 2015، بعد انقطاع المعلومات الواردة من داخل السجن.
وأكدت المنظمة الحقوقية أن هذه الممارسات ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ولكنها مع ذلك مستمرة على الأرجح.
ويعتقل النظام السوري آلاف
المساجين في سجن صيدنايا الذي يديره الجيش، والذي يعتبر أحد أضخم سجون
البلاد، ويقع على بعد 30 كلم تقريبا شمال العاصمة دمشق.
واتهمت المنظمة الحقوقية في
تقريرها نظام الرئيس بشار الأسد بانتهاج "سياسة إبادة" من خلال تعذيبه
المساجين بصورة متكررة وحرمانهم من الطعام والماء والعناية الطبية".
وأكد التقرير أنه في سجن
صيدنايا كان السجناء يتعرضون للاغتصاب أو يتم إجبارهم على اغتصاب بعضهم
البعض، بينما عملية إطعامهم تتم عبر إلقاء الحراس الطعام على أرض الزنزانة،
التي غالباً ما تكون متسخةً ومغطاة بالدماء.
قواعد خاصة
وبحسب إفادات الشهود فإن "قواعد
خاصة" كانت مطبقة في السجن، فالسجناء لم يكن مسموحاً لهم أن يتكلموا، وكان
عليهم أن يتخذوا وضعيات محددة لدى دخول الحراس إلى زنزاناتهم.
ونقل التقرير عن أحد السجناء
السابقين في صيدنايا -وقد عرّفه باسم مستعار هو نادر- قوله "كل يوم كان
لدينا في عنبرنا اثنان أو ثلاثة أموات... أتذكر أن الحارس كان يسألنا
يومياً كم ميتاً لدينا؟ كان يقول: غرفة رقم 1، كم؟ غرفة رقم 2، كم؟ وهكذا
دواليك".
وأضاف نادر أنه في أحد الأيام كان التعذيب عنيفاً لدرجة أن عدد الموتى في عنبر واحد بلغ 13 سجيناً.
ونقل التقرير عن أحد العسكريين
السابقين، واسمه حميد، قوله إنه كان بإمكانه عندما يتم شنق المساجين سماع
أصوات "طقطقة"، مصدرها غرفة الشنق الواقعة في الطابق الأسفل.
وأضاف حميد، الذي اعتقل في 2011
"كان بإمكانك إذا وضعت أذنك على الأرض أن تسمع صوتاً يشبه الطقطقة. كنا
ننام على صوت سجناء يموتون اختناقاً. في تلك الفترة كان هذا الأمر عادياً
بالنسبة لي".
وكانت منظمة العفو قدَّرت في
تقارير سابقة عدد السجناء الذين قضوا في معتقلات النظام منذ بدء النزاع في
آذار 2011 بحوالي 17 ألفاً و700 سجين، ما يعني أن مقتل 13 ألف معتقل في سجن
واحد يزيد هذه الأرقام بنسبة كبيرة.
وتعليقاً على ما ورد في التقرير
قالت لين معلوف، نائبة مدير الأبحاث في مكتب منظمة العفو الإقليمي في
بيروت إن "الفظائع الواردة في هذا التقرير تكشف عن وجود حملة خفية ووحشية
تم السماح بها من أعلى المستويات في الحكومة السورية، وتستهدف سحق أي شكل
من أشكال المعارضة في صفوف الشعب السوري".
وأضافت أن "قتل آلاف الأشخاص
العزل بدم بارد، بالإضافة إلى برامج التعذيب الجسدي والنفسي الممنهجة
والمعدة بعناية التي يتم اتباعها في سجن صيدنايا، لا يمكن السماح لها بأن
تستمر".
وكانت الأمم المتحدة اتهمت النظام السوري في 2016 بانتهاج سياسة "إبادة" في سجونه.
وأسفر النزاع في سوريا عن مقتل أكثر من 310 آلاف شخص وتهجير الملايين.