"هم يعذّبوني صحيّا بهدف قتلي،
فإمّا أموت أو أن أُصبح مجنونا".. بهذه العبارة رفع الشيخ أحمد الأسير
الصوت عالياً في قاعة المحكمة العسكرية، لينذر بخطورة وضعه الصحي والنفسي
الناتج عن سجنه في "الريحانية".
بجسمه النحيل ووجه الشاحب، مثل
الأسير ظهر اليوم أمام المحكمة العسكرية الدائمة برئاسة العميد أنطوان
فلتاكي، ليحاكم مع 33 آخرين في قضية أحداث عبرا، و"إعلان العصيان المسلح ضد
السلطات القائمة وخاصة المؤسسة العسكرية، وقتل ضباط وأفراد من الجيش
اللبناني، واقتناء متفجرات وأسلحة خفيفة من أجل القيام بأعمال إرهابية
استعملت ضد االجيش،ِ بهدف ايجاد حالة ذعر واثارة النعرات الطائفية
والمذهبية"، ولمحاكمته أيضاً في جنحة معاملة رجال الأمن بالعنف والشدة.
أُجلس الأسير على المقعد الخشبي
على يسار القاعة محاطاً بعناصر من الشرطة العسكرية، فيما لم يحضر أيّ من
أفراد عائلته الجلسة، بعدما أعلموا بعدم السماح لهم بمقابلة المتهم بعد
الجلسة كما تجري العادة. وفور إعلان إرجاء الجلستين التي يحاكم المتهم بهما
الى 12 تموز المقبل، بسبب سفر رئيس المحكمة الأصيل العميد خليل ابراهيم،
رفع الأسير يده طالباً الكلام، ولدى إعطائه الاذن إقترب من القوس وقال:
"أريد التكلّم عن وضعي الصحي السيء، لقد تقدم وكلائي بعدة طلبات لنقلي من
سجن الريحانية. أنا اليوم وبسبب تدهور صحتي الناتج عن هبوط نسبة السكري في
الدم، وعدم تلقيّ جرعة الأنسولين الكافية، وبسبب معاناتي من فقر في الدم،
أطلب نقلي من سجن الريحانية".
هنا علّق رئيس المحكمة "لكنك
حصلت على دواء لمعالجة فقر الدم". فرد الأسير: "أعطوني دواء لم أستفد منه
على الاطلاق إنما بت أعاني من ضعف أكثر في الدم، السبب الحقيقي لمرضي هو
طبيعة البناء في السجن، التي لا تتلاءم اطلاقاً مع وضعي الصحي". تدخّل
فلتاكي مجدداً: "ألا يشرف على علاجك أفضل الأطباء؟". فأجاب المتهم: "يلزمني
نظام غذائي معين وهذا النظام غير متوافر في مكان سجني، راجعت طبيب السجن
فطلب مني مخاطبة المسؤولين القضائيين لتأمين العلاج والطعام المناسبين
لوضعي الصحي".
الأسير شكا عدم السماح له
بالخروج الى الباحة الخارجية والتعرض لأشعة الشمس، سوى مرتين في الأسبوع
ولعشر دقائق فقط، ما جعله يعاني من نقص في "الفيتامين D". فعقّب رئيس
المحكمة قائلا إن "سجن الريحانية كلّه مفتوح والغرف قانوينة وشرعية"، فردّ
الأسير: "غرفتي تجاور الباحة التي يسمح فيها للمدخنين من السجناء بالتدخين
في معدل ثلاث مرات يومياً، وهو ما يفاقم حالتي نتيجة تنشقي رائحة الدخان".
وأضاف الأسير: "وصف لي أحد الأطباء دواء أعصاب لكن اللجنة الطبية للصليب
الأحمر نصحتني بعدم تناوله لأنه لا يعالج حالتي، بالنتيجة أقولها صراحة
هناك محاولة لتعذيبي من خلال صحتي بهدف قتلي تدريجياً، وببطء أو أخذي نحو
الجنون".
محامي الأسير محمّد صبلوح تحدّث لـ"لبنان 24"
عن الوضع الصحّي الدقيق لموكله، إستنادا إلى تقارير طبية منها تقرير
الطبيب رضوان معلوف الذي عاينه مؤخّرا وحذّر من "خطورة إنفجار المرارة في
جسمه وتسميمه نتيجة وجود حصى فيها وحاجته إلى إجراء عملية جراحية لها
ولأمصال للتغذية بنيجة فقر في الدم وهبوط في السكري وآلام حادة في العامود
الفقري السفلي والمفاصل ما يجعله غير قادر على الوقوف، وطلب نقله إلى
المستشفى للمعالجة". وأشار صبلوح إلى أنّه على رغم تعيين المستشفى العسكري
لجنة طبية لمعاينة إمام مسجد بن رباح منذ 4 أيام، فإن تلك اللجنة لم تكشف
على الأسير حتى الساعة، والأخير لم يدخل المستشفى بتاتا منذ تاريخ توقيفه
على رغم سوء حالته الصحيّة، مضيفا أنّ الأسير بات مقتنعاً بأنّ تدهور وضعه
الصحّي سيؤدي به نحو الموت، وإلّا نحو الجنون بسبب سجنه الإنفرادي.
No comments:
Post a Comment