تدخل إلى محل ثياب، ترى لافتات 60
و70 و%50 تتدلّى من السقف فوق مختلف الأقسام، تبدأ النطّ مثل راقصة الباليه
بين الرفوف تبحث عن مقاسك، لا تنظر إلى الأسعار وتنسى تلقائياً كلّ ديونك
المتراكمة وفواتير الدكنجي التي لم تدفعها منذ 20 يوماً، تشعر بقوة سحرية
تأخذك إلى غرف الملابس... بيظبط عليك الجينز وبلوزتين و3 قمصان بسعر وحدة،
تركض إلى الصندوق، تضرب إيدك عجَيبتك لا تجد فيها غير ألفين ليرة
للباركينغ، تبحث في محفظتك فلا تجد غير أوراق الـ"أي تي أم" البالية، تستلّ
الـ"كريديت كارد" بخفّة، تسحب منها 214 دولاراً وتغادر المحلّ منتشياً من
الفرحة... تنزل الدرج الكهربائي وحاسس نفسك "قيصر التسوّق" وتمرّ رافعاً
علامة النصر بعد آخر شَروة أمام الواجهات، يلفتك الجينز نفسه في محلّ ثان،
تمعص منخارك في الزجاج لترى السعر فتجده أقلّ بنحو %20 من المحلّ السابق...
تضرب يدك على جبينك، ولكن ليس بقوّة كافية ليبقى الكفّ معلّم حتى الموسم
القادم، لتتذكّر المكائد التي ينصبها أصحاب المحلات الكبيرة والمولات في
مواسم الحسومات.
مبسوط؟؟؟ غلطت مرتك وطلبت منك
شراء شوية خضرة للبيت، تذهب إلى المحل على زاوية الشارع، تتمشّى كستّ بيت
أمام السِلَل لتمايز الفواكه والخضار المعروضة، يلفتك سعر المانغا بـ2750
ليرة بعد أن كان من كم يوم بـ7000، تبدأ البحث عن أكبر كيس وترمي فيه ما لا
يقلّ عن 5 أو 6 كيلو للاستفادة من السعر اللقطة، ولا تنتبه إلّا بعد أن
تكرج خارج المحلّ حاملاً في يديك 14 كيساً أنك دفعت ثمن ضمّة البقدونس 1000
ليرة والبقلة أيضاً، وحتى كيلو البندورة كان أغلى من غير أماكن بحوالى
1500 ليرة... يعني فعلياً إنت اشتريت أرخص منغا ودفعت معها أغلى فاتورة
خضرة بالسوق، ومفكّر حالك موفّر وضحتك لورا دينيك... بس حسابك عند مرتك.
موجوع؟؟؟ قبل أن تعتبر نفسك
فاتح المولات ومحلات التجزئة وقاهر التسوّق في زمن "الصولدات"، تذكّر أنّ
معظم الحسومات يتمّ هندستها بالشكل والتوقيت حتى تجرجرك إلى دفع المزيد من
المال عوض توفيره. كيف؟ هذه المحال توهمك أنك تدفع أقل لكنها فعلياً ترغمك
على دفع أكثر من السعر الأصلي، والتجّار يستغلّون رغبتك في التوفير حتى
يصطادوا جيبتك.
مفلوج؟؟؟ التجارة على مختلف
أشكالها، إبتداء من بيع البياضات إلى الأكل والشرب والأدوات الصحيّة
ومفكّات البراغي وقمصان السْليم فيت، كلّها عبارة عن "كاباريه إقتصادية"
يعرضون في واجهاتها وعلى رفوفها الأمامية البضاعة النغنوشة والتي عليها طلب
وبأسعار تشجيعية، وعندما يأكل الزبون الطعم تزداد طلباته وتكبر فواتيره.
وعلى سبيل المثال لا المزح،
غالبية المحال الكبيرة تضع مع بداية الموسم الجديد أسعاراً خرافية على
بضاعتها تفوق سعرها الحقيقي بأضعاف مضاعفة... وهي بما أنها تؤمن بربّ المال
لا غيره عندما يتعلّق الأمر بالبيزنس، فهي غير مستعدّة لخسارة ليرة واحدة
حتى لو كان الحسم %99... يعني صاحب المحلّ في بداية الموسم يضع عينه على
فيلّا 5 طوابق فيبيع القميص بـ$100، ونظراً إلى الحالة الاقتصادية المتردية
وأوضاع الناس المعقوصة، يضطر إلى خوض غمار الحسومات، فكلما يكبر الحسم
كلّما يصغر حجم الفيلّا، إلى أن يضطر إلى بيع القميص في النهاية بـ9$،
ويضطرّ بسعرها إلى بناء فيلّا صغيرة تكفيه شرّ المرحلة.
وهذا الحديث ينطبق على أصحاب
محلات التجزئة الضخمة وأسواق الخضار الكبيرة وكلّ من تزيد فاتورة الإنارة
في محلّه عن 1,000,000 ليرة في الشهر، دون سواهم من أصحاب المحلات
المتواضعة في الأزقة الضيقة... ونحن كلّما اشترينا من محلات التجزئة
الكبيرة، نساهم في تكبير حجم فيلّا أصحابها وفي تلميع بوليش سياراتهم، لكنّ
الشراء من الباعة المتواضعين المحلّيين يسهّل دفع قسط فتاة في درس بيانو
أو صبي في درس تايكواندو ويكفي عائلة سدّ رَمق أفرادها حتى آخر الشهر.
No comments:
Post a Comment